الكرة في عدن... "الساحرة المستديرة" تجمع ما فرقته الحرب

تقارير وحوارات
قبل 3 سنوات I الأخبار I تقارير وحوارات

لم يكن نهائي دوري الـ14 من تشرين الأول (أكتوبر) الجاري لأندية العاصمة اليمنية الموقتة عدن، يوماً اعتيادياً بعد أن تحولت المناسبة الى أشبه ما يكون بالكرنفال الجماهيري، حيث تعددت فيه صور المتعة والمشاهدة.

 

وكان لافتاً أن تتواجد جماهير الرياضة بهذا الكم الهائل وغير المتوقع، عطفاً على ما يمر به البلد في شكل عام من ظروف استثنائية ومعقدة نتيجة استمرار الحرب وتردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية لدى السكان، إلا أن نهائي دوري كرة القدم أثبت أن الكرة مساحة تركض على جنباتها صور الفرحة والبهجة ومساحة لغسل أدران الوجع التي تخيم على المدينة والبلد عامة.

 

نهائي الكرة أثبت أن عدن ليست مجرد اسم لمدينة يعشق أبناؤها الرياضة حد الثمالة، لكنها مدينة إشراق واشتياق، وفصل شائق من فصول المتعة والألق رغم كل ما علق على جدرانها من مظاهر الأمن والألم.

 

الحدث الكبير لم يمر مرور الكرام على الكثير ممن انبهروا بالحضور اللافت للمدرجات، فدعاهم الى التعبير بكل صور الإشادة والمديح.

 

محافظ العاصمة اليمنية الموقتة عدن، أحمد حامد لملس، علّق على الحضور الجماهيري في صفحته على موقع "فايسبوك" قائلاً: "كم أسعدتنا صورة مدرجات ملعب العلواني وهي تكتظ بالجماهير العدنية التواقة لعودة زخم الملاعب". وأضاف: "في هذا المقام لا يسعنا الا التهنئة الحارة للأخضر العدني - فريق نادي وحدة عدن - لمناسبة نيله لقب بطولة 14 اكتوبر، ونحيي ناديي شمسان والتلال وكل الفرق المشاركة على إنجاحها البطولة الغالية على قلوبنا جميعاً".

 

عدن تمرض لكنها لا تموت، بهذه العبارة افتتح العم أحمد ناجي الذي يسكن في إحدى ضواحي مديرية الشيخ عثمان بعدن في حديثه الى "النهار العربي" حين سأله المراسل عن الحضور الجماهيري الكبير في ختام بطولة 14 أكتوبر التي أقيمت بين فريقي وحدة عدن وشمسان على ملعب الفقيد العلواني.

 

أحمد ناجي الذي يبلغ من العمر 68 سنة ولا يزال شغوفاً بكرة القدم وحضور نشاطاتها، قال: "إن حضور الجمهور في هذه المباراة فاق توقعاتي كمتابع في شكل كبير لكل أنشطة كرة القدم بعدن منذ أوائل عمري".

 

وأضاف: "رغم الحرب التي يمر بها اليمن عموماً والقلاقل التي تمر بها العاصمة الموقتة عدن خصوصاً، الا أن الساحرة المستديرة (كرة القدم) جمعت ما فرقته الحرب والسياسة".

 

وشهد ختام بطولة 14 أكتوبر التي أقيمت بين أندية العاصمة اليمنية الموقتة عدن للدرجة الأولى حضوراً جماهيرياً لافتاً رغم الوضع الاستثنائي الذي تمر به عدن.

 

وجمعت مباراة فريقي وحدة عدن وشمسان آلاف المتفرجين الذين فرقت بينهم الحرب وظروف المعيشة الصعبة التي تمر بها اليمن عموماً منذ أن شنت الميليشيات الحوثية حربها الغاشمة على اليمن في آذار (مارس) عام 2015.

 

وعلق مدير الإعلام في مكتب الشباب والرياضة بالعاصمة الموقتة عدن فضل الجونه على الحضور الجماهيري قائلاً: "إننا لا ننسى الروح الطيبة والرياضية الذي تحلى بها الجمهور الرياضي أثناء حضوره منافسات البطولة، وكان في قمة الالتزام والانضباط بعيداً من الفوضى والشغب، والذي أكد عشقه وتعطشه لمثل هذه المنافسات الكروية". وأضاف: "عكس الجمهور ذلك النجاح الكبير الذي حققته البطولة، وهو تأكيد بأن عدن هي الرياضة وروحها وعنوان عراقتها وحياتها المدنية".

 

من جانبه، قال رئيس دائرة الشباب والرياضة في المجلس الانتقالي الجنوبي مؤمن حسن السقاف في تصريح صحافي، إن الجمهور العدني متعطش لملء مدرجات الملاعب وحضور الفعاليات الرياضية التي غيّب عنها لسنوات بسبب الحرب. والى اهتمام المجلس الانتقالي الجنوبي المسيطر على عدن، بالشباب والرياضة، معتبراً الرياضة أهم سلاح لحرف أنظار الشباب من اللجوء إلى العنف والمخدرات.

 

ويشكل شغف الجمهور العدني بالرياضة دافعاً قوياً للسلطات المحلية ووزارة الشباب والرياضة للاهتمام بالرياضة وبذل مزيد من الجهود لإقامة العديد من الفعاليات الرياضية في عموم الجمهورية.

 

وقال الأمين العام المساعد لجائزة رئيس الجمهورية شكري حسين، الى "النهار العربي"، إن "الحضور الجماهيري اللافت في نهائي بطولة أكتوبر الودية، عكس حالة الشغف والولع لدى الجماهير العدنية، وحاجة تلك الجماهير لمثل هذه المناسبات التي تجد فيها مساحة لغسل أدران وهموم الحرب والمشكلات الاقتصادية التي جثمت على صدر الوطن، منذ الحرب العبثية التي شنتها ميليشيات التخلف والظلام (جماعة الحوثي)، على الشعب اليمني.

 

وأضاف: "أن مظاهر التشجيع والسعادة التي ظهرت في المدرجات، عبرت جلياً عن طبيعة أبناء المدينة وتمسكهم بالحياة المدنية الهادئة البعيدة تماماً من ويلات الحرب والاقتتال التي فرضت من قبل ميليشيا الحوثي قبل سنوات قليلة، والتي لا تزال تعاني منها رغم مرور أكثر من 4 أعوام من تحريرها".

 

وأعاد هذا الحضور الجماهيري ذكريات الزمن الجميل للرياضة العدنية، معيداً للأذهان الجمهور الذي كان يشهده ملعب الشهيد الحبيشي بكريتر عدن - أقدم ملاعب مدينة عدن تدمر بسبب الحرب وأعيد تأهيله من قبل وزارة الشباب والرياضة - ويتفاعل مع القمم الكروية التي كانت تقام بين أقطاب الكرة العدنية وفي مقدمهم التلال ووحدة عدن وشمسان والشعلة.