بالتوازي مع الحرب العسكرية، تخوض مليشيا الحوثي حربا اقتصادية ضد اليمنيين تفاقم معاناتهم من خلال استخدام العملة كورقة في الصراع. وتهدف المليشيا الحوثية إلى تعطيل جهود الحكومة اليمنية الشرعية في جانب الإصلاحات النقدية وحماية الريال، ومن أجل ذلك، لجأت لاتخاذ إجراءات تسببت في توسع عمليات المضاربة على العملة وانخفاض قيمتها بشكل متسارع، الأمر الذي يهدد بمجاعة واسعة. طبق الحوثيون المدعومون من إيران، أواخر العام الماضي، حظرا على استخدام الأوراق النقدية التي أصدرها البنك المركزي في عدن، قائلين إن هذه الخطوة تهدف إلى وقف التضخم وتدهور الريال اليمني مقابل العملات الصعبة، ومنذ ذلك الحين، تراجعت قيمة العملة المحلية إلى نحو 840 ريالا للدولار الواحد بنهاية أكتوبر، من 600 ريال في ديسمبر الفائت. وأوضح تجار ومستوردون محليون، إن تهاوي الريال اليمني على خلفية قيام الحوثيين بحظر النقود الجديدة، أجبرهم على زيادة أسعار السلع بنسب متفاوتة. وقال مواطنون في 4 مدن رئيسية إن أسعار السلع الأساسية المستوردة ارتفعت بين 10-30% في مختلف مناطق البلاد بما فيها الخاضعة للمليشيات الحوثية، نتيجة حظر المتمردين تداول الأوراق النقدية المطبوعة حديثًا.
تحذير أممي وحذرت الأمم المتحدة، أواخر أكتوبر الماضي، من مجاعة تلوح في الأفق، على خلفية انخفاض قيمة العملة في اليمن، وقال برنامج الأغذية العالمي، في تقرير حديث إن ارتفاع سعر الدولار تسبب في انخفاض مستويات استيراد المواد الغذائية بشكل كبير . وأضاف التقرير: "سترتفع أسعار المواد الغذائية بسرعة هائلة، وإذا طال أمدها، سينخفض توافر الغذاء في الأسواق المحلية وستزداد نتائج الأمن الغذائي سوءًا مع المناطق التي من المحتمل أن تتدهور إلى المجاعة (IPC المرحلة 5) في أسوأ الحالات". وتوقع البرنامج الأممي، زيادة حجم وشدة انعدام الأمن الغذائي الحاد في عدة مناطق من البلاد، و أن يحتاج ما يقرب من 17-19 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية لمنع فجوات الاستهلاك وحماية سبل العيش. ووفقا لبرنامج الأغذية، ففي أسوأ السيناريوهات "قد تؤدي الانخفاضات الكبيرة في الواردات التجارية أو الصراع الذي يقطع الإمدادات الغذائية لفترة طويلة من الزمن، إلى أزمة في الأمن الغذائي بما يتماشى مع المجاعة (المرحلة الخامسة من التصنيف الدولي للبراءات).
ورقة صراع وضغط وقال مسؤول في اللجنة الاقتصادية الحكومية لـ "العين الإخبارية"، إن مليشيا الحوثي تصر على استخدام العملة كورقة في الصراع، وأن حظر تداول النقود الجديدة فتح باباً للمضاربة بالعملة الوطنية وتسبب في انخفاض قيمتها وبالتالي ارتفاع أسعار السلع الغذائية المستوردة. وبحسب المسؤول، طلب عدم ذكر اسمه، فإن البنك المركزي اليمني اتخذ إجراءات نقدية لمنع التلاعب بالعملة ووقف عمليات المضاربة منها قرار بإيقاف عشرات من الشبكات المحلية المتخصصة في تحويلات الأموال، ظهرت خلال السنوات الأخيرة، باعتبارها مسؤولة عن عمليات المضاربة بالعملة، وأسهمت مع شركات الصرافة غير المرخصة في توسع عمليات المضاربة ودفع العملة المحلية إلى مزيد من فقدان قيمتها. وانخفض الريال اليمني بنحو 15% في الأشهر الخمسة الأولى من عام 2020 وحده، وفقا لتقارير دولية توقعت سيناريوهات أن يتأثر الاقتصاد وتتهاوى العملة فضلا عن جائحة كوفيد-19 التي تزيد من تفاقم الوضع. وقدرت دراسة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في عام 2019 أن 89 مليار دولار قد فقدت في الناتج الاقتصادي نتيجة للحرب، محذرة من أنه بحلول عام 2022 قد يرتفع هذا إلى 181 مليار دولار إذا استمر الصراع. وشهدت التحويلات النقدية الخارجية، التي شكلت 13 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد في عام 2019، انخفاضًا كبيرًا مرتبطًا بالتأثير الاقتصادي لوباء كوفيد-19 على اليمنيين في الخارج. وقال تقرير للأمم المتحدة ومسؤولون، أواخر الأسبوع الماضي، إن أجزاء من اليمن تعاني مستويات قياسية من سوء التغذية الحاد لدى الأطفال، حيث يواجه ما يقرب من 100 ألف طفل الآن خطر الموت، مما يزيد من التحذيرات من أن البلاد تقترب من أزمة أمن غذائي غير مسبوقة.