تشهد العاصمة اليمنية الموقتة عدن، أزمة مشتقات نفطية حادة أدت الى توقف كثير من المركبات التي تستخدم مادة البنزين وخلو الطرق والساحات من المركبات بسبب نفاد المادة من محطات الوقود.
ومع استمرار هبوط العملة المحلية "الريال اليمني" أمام العملات الأخرى وإغلاق محال الصيرفة، ظهرت أزمة الوقود في العاصمة اليمنية الموقتة لتزيد من معاناة المواطن اليمني في هذه المدينة.
وأكد أيمن الحدادي وهو سائق سيارة أجرة في عدن، أن طوابير السيارات تمتد لمسافات طويلة أمام محطات الوقود في انتظار تعبئة مادة البنزين، وقال لـ"النهار العربي" إن في أحد الطوابير في محطة عدن "ساسكو" ينتظر منذ ثلاثة أيام وهو في الطوابير الطويلة من دون أن يتمكن من الحصول على البنزين.
وأضاف الحدادي، أنه في اليمن لا يمر أسبوع من دون أزمة، سواء في الوقود أو الكهرباء أو الماء أو الرواتب، وحتى الخبز إنك تحتاج إلى الوقوف في طابور، كي تحصل على "الروتي" للأسف... صارت الأزمات والطوابير حياة اليمني منذ انقلاب الميليشيات الحوثية على الحكم في آذار (مارس) 2015 والتي بدأت بالحرب على الجنوب.
وقال إنه "يعيل أسرته المكونة من أربعة أفراد فقط عبر سيارة الأجرة التي يعمل عليها"، وأضاف: "إنني أكدح يومياً لتوفير المستلزمات الضرورية مع هذا الغلاء الفاحش، لكنني أقف منذ ثلاثة أيام بلا عمل أو راحة في الطابور، من الصباح حتى المساء على هذه الحال ولم أتمكن من تعبئة البنزين، ولا أعرف الى متى يستمر هذا الأمر".
وبسبب انهيار الريال اليمني الذي وصل الى سعر صرف 900 ريال للدولار الواحد، أوقفت شركات الصيرفة عمليات بيع وشراء العملات في العاصمة الموقتة عدن مما زاد من حدة الأزمة.
وقال مصدر مسؤول في شركة النفط اليمنية في عدن لـ"النهار العربي" إن "سبب أزمة المشتقات النفطية الحادة هذه الأيام في العاصمة الموقتة هو امتناع البنك المركزي اليمني عن توفير العملات الصعبة للتجار المستوردين للمشتقات النفطية وفق المتفق عليه سابقاً". وأكد ان "الأزمة ستستمر الى أن يتم إيجاد آلية جديدة للتعامل مع البنك أو توفيره العملات للتجار كما كانت تدار العملية سابقاً".
وانعكست أزمة الوقود على حياة المواطنين إذ تراجعت الحركة بين مديريات العاصمة الموقتة عدن، وتوقفت مركبات نقل الأجرة بسبب عدم توافر البنزين المستمر منذ 7 أيام.
ويعاني المواطن اليمني في المحافظات المحررة من أزمات متكررة بسبب عدم وجود رؤية واضحة للبنك المركزي اليمني والحكومة الشرعية في التعامل مع الملف الاقتصادي الذي أدى بالريال اليمني الى أدنى مستوياته.
وقال استاذ العلوم المالية والمصرفية المساعد في جامعة حضرموت، الدكتور وليد أحمد العطاس لـ"النهار العربي" إن "الارتفاع الأخير في سعر الصرف هو أمر كان متوقعاً في ظل التزام الرئاسة والحكومة والتحالف والبنك المركزي الصمت، ويتوقع استمرار انخفاض العملة، ما يشكل ضغطاً على المواطن كون الأمر يمس بحياته اليومية ومستوى معيشته".
وأضاف أن "سعر الصرف ارتفع خلال أقل من شهر من 750 ريالاً للدولار الواحد ليصل الى حدود الـ 920 ريالاً للدولار، وهذا ينعكس في شكل مباشر على أسعار السلع كون الاقتصاد اليمني يعتمد على الاستيراد من الخارج، وقد توقف بعض محال الجملة عن البيع بالعملة اليمنية لأن المستوردين ثبتوا أسعار بضائعهم بالعملة الأجنبية لتلافي الخسائر المحتملة من انهيار الريال اليمني".
واكد أن "لا بد من إعادة النظر في سياسات المصرف المركزي والتدخل المباشر من قبل التحالف والحكومة اليمنية للحد من هذا الانهيار حتى نتجنب ثورة جياع في اليمن". ورأى ان "عدم وجود أثر ملموس للكم الهائل المعلن من الدعم المقدم من قبل المنظمات الدولية، فاقم الأزمة".
وتحتاج العاصمة الموقتة عدن الى 1500 طن من الوقود يومياً لتغطية السوق المحلية وتوفير المادة في شكل مناسب للمواطنين.
"المواطنون في المناطق المحررة والخاضعة للحكومة الشرعية، أصبحوا أكثر معاناة للأسف"، هكذا قال المواطن وضاح أحمد في حديث مقتضب مع "النهار العربي". وأضاف: "نحن ضحينا وقاتلنا ضد الميليشيات الحوثية التي كانت تسعى لجعل اليمن خمينية ثانية تابعة لإيران لكن الحكومة كافأتنا بهذه الأزمات المتكررة التي أثقلت كواهلنا". وتابع: "إن رواتبنا تأتي كل ثلاثة أو أربعة أشهر... عملتنا منهارة، غلاء فاحش، طرق غير صالحة، أزمات تعصف بكل نواحي الحياة... هكذا أصبحنا منذ تحرير العاصمة اليمنية الموقتة عدن".
من جهتها، تقول الصحافية فاطمة العبادي لـ"النهار العربي" إن "افتعال أزمات الوقود المتلاحقة تعود أسبابها إلى وضع البلاد وما تشهده من صراعات بسبب السياسات الداخلية والخارجية ووضعها الاقتصادي المتدهور وابتزاز ميليشيا الحوثي للمواطنين في الشمال، ومنها ما يتعلق بمديونية شركة النفط واستغلال التجار في العاصمة الموقتة عدن".
وفي كل مرة تشهد عدن والمحافظات المجاورة لها أزمة وقود، يعود الأمر إلى غياب التنسيق بين شركة النفط والمصافي، إضافة الى توقف مصافي عدن عن ضخ البنزين من خزاناتها إلى السوق المحلية لأسباب غير معلنة.
وأضافت العبادي، "من وجهة نظري أن ازمة الوقود تأتي من صانعي الأزمة للكسب المادي ونتيجة لاحتكار الشركات الخاصة لشركة النفط المحلية واستغلال مديونيتها الأمر الذي يجعل المسلسل مستمراً وينتج أزمات لا تقل أهمية كانقطاع الكهرباء وتضاعف أسعار السلع والخدمات".