بقلم/محمد الصلاحي عام سادس من الحرب التي تسببت فيها ميليشيات الحوثي، عانى فيها اليمن الخراب والدمار، وعانى شعبه صنوف المتاعب والآلام، وأفرزت وضعا إنسانيا مأساويا، ترك خلفه شعبا يقاوم الجوع، ويكابد مصاعب حياتية لا حصر لها، تسد المعونات رمق عيشه، وتصنع الإمدادات الإنسانية معادلة صعبة في وجه الفقر والجوع. وطوال عقود، حظي اليمن دائما برعاية أشقائه في المملكة، والذين عملوا جاهدين في مساعدته للتغلب على التحديات التي تواجهه في كل المراحل، وكانوا السند الذي طبب الكثير من أوجاع الشعب اليمني المكلوم المغلوب على أمره، وآخر هذه الجهود الدعوة لمؤتمر المانحين ورعايته وتنظيمه، والذي أتى في ظل ظروف إنسانية معقدة، وأزمة اقتصادية مضاعفة يواجهها اليمن، ووضع صحي صعب، مما يعطي أهمية أكبر له، لحشد الموقف الدولي الداعم لليمن، وتعزيز الدور الإنساني للدول المانحة له، وسد الاحتياجات الطارئة، والتغلب على التحديات الاقتصادية، ومواجهة المخاطر الصحية. تصدرت المملكة مشهد الدعم الإنساني والإغاثي والتنموي لليمن طوال سنوات ما قبل الحرب، ثم خلال سنوات الحرب هذه بمساعدات بلغت قيمتها الإجمالية 16.9 مليار دولار في خمسة أعوام، ثم في مؤتمر المانحين الذي كانت أكبر الداعمين فيه بـ 500 مليون دولار، وهذا الدعم المتواصل يعكس الموقف السعودي الدائم إلى جانب اليمن في كل الظروف. حاجة اليمن للدعم الإنساني ملحة أكثر من أي وقت مضى، نظرا للتبعات الإنسانية والاقتصادية المضاعفة والناتجة من الحرب، ومن وباء كورونا، وكذلك باتت الحاجة ملزمة أكثر لإحداث تغيير في مسببات الدعم وأهدافه، تتجاوز فيه اليمن مربع الخطوة الأولى، لتحظى بدعم يؤسس لتنمية مستدامة، وبناء اقتصاد، وإحداث نهضة، وهناك جهد سعودي فاعل في المسار التنموي داخل اليمن، يتولى القيام به «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» الذي يغطي احتياجات تنموية هامة، ويبذل جهودا كبيرة في تنفيذ أولويات ومشاريع متصلة بحياة الإنسان اليومية في مجالات التعليم والصحة والنقل والمياه والطاقة وغيرها. وعلى طريق تعزيز العمل الإنساني في اليمن، تسهم المشاريع التي ينفذها البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن -إضافة إلى العائد الخدمي والتنموي منها- في إحداث تغيير إيجابي يساعد على مواجهة الأزمة الإنسانية في اليمن، من خلال فرص العمل التي توفرها تلك المشاريع، وانعكاسها في الحد من أعداد البطالة المتزايدة. الدعم الإنساني تتطلبه ظروف الحرب وإفرازاتها، والدعم التنموي يحتاج لظروف ملائمة حتى تتعزز الفائدة من النشاط المتعلق به، ويزداد تأثيره الإيجابي حينما يرتكز على بناء الإنسان، وصناعة التغيير الذاتي فيه، وإعداده بشكل ملائم يكون فيه فردا مؤثرا قادر على المشاركة في بناء مجتمعه ووطنه والنهوض بهما. يحتاج اليمن أولا إلى إرادة سياسية، والتفاف شعبي لتخفيف حدة الأزمات المتلاحقة التي يتعرض لها، فالجهد الخارجي يحتاج لجهد داخلي مصاحب له، ووعي يسهم في تحقيق الوفاق المطلوب بين فرقاء الشرعية، وتوحيد جهودهم للتغلب على الأزمات التي تعصف بالبلد، وفي التفرغ لمواجهة المتسبب بهذه الأزمات، والمتمثل في مليشيات الحوثي التي مارست أعمالا عدائية صنعت مأساة اليمن، من خلال شن الحرب على الشعب، والانقلاب على الشرعية، والاستيلاء على مؤسسات الدولة، وهي الممارسات التي انعكست على مجمل حياة الشعب، وبسببها لازمته الأزمات.