هل «يدفن» حزب الله نكسته في أنفاقه؟

تقارير وحوارات
قبل شهر 1 I الأخبار I تقارير وحوارات

 هل تجبر إحداثيات الأرض حزب الله على «دفن» نكساته في أنفاقه مع أنه حتى هذه الملاجئ المحصنة باتت غير بعيدة عن صواريخ إسرائيل؟

 

يبدو هذا الحل الاضطراري والمخرج الراهن المتوفر بالنسبة لحزب تهاوت أسس قيادته تباعا وبشكل متسارع من الصعب أن تستبقه أكثر التوقعات تشاؤما.

 

لكن حتى هذا الحل قد لا يمنح الحزب ملجأ آمنا، خصوصا عقب استهداف أعلى قياداته بمن فيها الأمين العام للحزب حسن نصر الله، في ضربات على مقرات محصنة تحت الأرض، ما يعني أن حتى حرب الأنفاق باتت غير مضمونة بالنسبة له.

 

الحل الأخير

في الأول من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، أعلنت إسرائيل أن قوات برية تابعة لها دخلت جنوب لبنان، في البداية بوحدات كوماندوز تلتها وحدات مدرعة ووحدات مشاة.

 

ومؤخرا، قال الجيش الإسرائيلي إن جنود الاحتياط من الفرقة 146 يشاركون في عملية عسكرية، ما يرفع عدد الفرق العسكرية على الأراضي اللبنانية إلى 4.

 

ولم تذكر إسرائيل عدد الجنود المنتشرين على الأرض، لكن الفرقة الإسرائيلية عادة ما تتكون من أكثر من ألف جندي.

 

وتقول تل أبيب إن قواتها تخوض معارك عن قرب مع وحدات حزب الله، مضيفة أن 12 جنديا قُتلوا في جنوب لبنان أو شمال إسرائيل منذ بدء العملية.

 

ووفقا لحزب الله وإسرائيل، فإن الجماعة تمتلك شبكة أنفاق واسعة في جنوب لبنان.

 

وذكر تقرير صدر عام 2021 عن مؤسسة ألما البحثية أن الأنفاق توسعت بعد حرب حزب الله مع إسرائيل عام 2006. وتقدر تل أبيب أنها تمتد لمئات الكيلومترات.

 

وقال قائد ميداني في حزب الله، لرويترز، إن الأنفاق "هي الأساس في المعركة"، مشيرا إلى أن حزب الله عمل لسنوات في تشييدها، وأنه "حان وقتها".

 

ونشر الجيش الإسرائيلي لقطات فيديو يقول إنها تظهر أنفاقا عميقة سيطر عليها جنوده.

 

وظهر في أحد مقاطع الفيديو التي نشرت قبل أيام غرفة تحت الأرض مجهزة بخطوط هاتف ثابتة، ولم يتسن لرويترز التحقق من تاريخ أو موقع اللقطات.

 

ووفق مصدر مقرب من حزب الله فإن الأنفاق التي اكتشفتها إسرائيل تم بناؤها كي تستخدمها قوة الرضوان الخاصة التابعة للحزب، لدخول منطقة الجليل في شمال إسرائيل في يوم من الأيام.

 

وأضاف المصدر أن إسرائيل لا تعرف النطاق الكامل للأنفاق.

 

هل تكفي القيادة الجديدة؟

 

وكشف مصدران مطلعان على عمليات حزب الله أنه يستعد لحرب استنزاف طويلة في جنوب لبنان، بعدما قتلت إسرائيل قادته، بقيادة عسكرية جديدة تدير إطلاق الصواريخ والعمليات البرية.

 

وتأثر حزب الله بالضربات الإسرائيلية المدمرة المستمرة منذ ثلاثة أسابيع، والتي كان أبرزها مقتل الأمين العام للحزب حسن نصر الله، في نزيف يعتقد مراقبون أنه يؤثر بوضوح على فاعلية الحزب في مقاومة القوات الإسرائيلية التي توغلت داخل لبنان بهدف معلن هو إبعاده عن الحدود.

وقالت أربعة مصادر مطلعة على عمليات حزب الله إن الأخير لا يزال يملك مخزونا كبيرا من الأسلحة، ومن بينها أقوى صواريخه الدقيقة التي لم يستخدمها بعد، رغم موجات الغارات الجوية التي تقول إسرائيل إنها استنفدت ترسانة حزب الله بشدة.

 

وبحسب المصدرين وأحدهما قائد ميداني في الحزب والثاني مقرب منه، فإن قيادة حزب الله كانت مضطربة في الأيام الأولى التي أعقبت مقتل نصر الله في 27 سبتمبر/ أيلول الماضي، لكنها شكلت "غرفة عمليات" جديدة بعد 72 ساعة.

 

ويبدو -وفق خبراء- أن الحزب مضطر لشن نوع من الحرب النفسية في محاولة لتدارك التوتر والإحباط الحاصل بصفوفه وقواعده عقب مقتل معظم قياداته من الصفين الأول والثاني.

 

وقُتل نصر الله وقادة آخرون من حزب الله وقائد عسكري إيراني كبير عندما قصفت إسرائيل مقر الحزب الرئيسي تحت الأرض في بيروت.

 

حيثيات تشي بأن لا شيء يبدو قادرا على منح حزب الله قشة إنقاذ، حتى أنفاقه التي لطالما قال إنها محصنة، ما يعني أن كل ما يحصل حاليا هو محاولة لكسب الوقت وإحصاء خساراته ومحاولة تدارك هرمه التنظيمي المتداعي.

 

ومما يؤكد الطرح، مسارعة الحزب بنفي تقارير إعلامية بشأن "قيادة جديدة" له، في تكتيك معروف خلال الأزمات والحروب، بالدفع بالشيء ونقيضه في نفس الوقت، في محاولة لخلق نوع من الإرباك لدى العدو، وفي نفس الوقت ربح الوقت والحفاظ على نوع من الضبابية.

 

خارطة

 

في فبراير/شباط الماضي، كشفت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية، في تقرير لها، شبكة أنفاق أنشأها حزب الله، يمكن أن تصل بين الجنوب اللبناني وبيروت وتمتد إلى سهل البقاع.

 

وفي تقريرها الذي طالعته "العين الإخبارية" وقتها، تحدثت الصحيفة عن إمكانية امتداد أنفاق حزب الله إلى الداخل الإسرائيلي، وربط الحدود اللبنانية بالسورية.

 

ولاحقا، نشر مركز الأبحاث الإسرائيلي "الما" تقريراً يُظهر خارطة لأنفاق وطريق قال إنها تضم مواقع عسكرية للحزب في قضاء جبيل، أي على بعد عشرات الكيلومترات عن الجنوب والواقعة في شمال مدينة بيروت.

 

وحينها، أثارت المعطيات القلق في نفوس أهالي هذه المناطق خاصة أنها تقع في قضاء غالبيته العظمى من المسيحيين المعارضين لحزب الله.

 

 وبحسب التقرير، فإن هذه البنية العسكرية تشمل جزءا مخصصا لإطلاق الصواريخ "فاتح 110" والمسيّرات باتجاه إسرائيل، بالإضافة إلى شبكة أنفاق وطريق يصل منطقة جبيل الواقعة في شمال العاصمة بيروت بمحافظة بعلبك ذات الأغلبية الشيعية الموالية لحزب الله.