تعتبر الهجرة غير النظامية من القرن الإفريقي إلى اليمن، ومنها إلى دول الخليج العربي، أحد أبرز التحديات التي تواجه اليمن، وجميع الدول ذات الصلة؛ خصوصاً مع استمرار الصراع في اليمن، وضعف قدرات البلاد الأمنية والعسكرية والخدمية.
يتعرض الآلاف من المهاجرين الإفريقيين إلى عددٍ لا حصر له من المخاطر طوال الرحلة من إفريقيا إلى وجهتهم النهائية؛ بما في ذلك خطر الموت غرقاً أو التعرض إلى إطلاق النار أو الاحتجاز. وقد لقي عشرات المهاجريين الإفريقيين حتفهم بسبب اشتعال حريق في أحد مراكز الاحتجاز في صنعاء، الأحد 7 مارس الجاري.
حول المخاطر التي يتعرض لها المهاجرون، أجرى فريق “كيوبوست” مقابلةً مكتوبة مع المتحدثة الرسمية لمنظمة الهجرة الدولية؛ أوليفيا هيدون، والتي تحدثت عن عدة نقاط؛ من أهمها قدرات المنظمة المتناقصة لحماية المهاجرين، والأسباب التي تدفع المهاجرين لسلوك طريق الهجرة غير النظامية الخطرة، ومزاعم تجنيد المهاجرين من قِبل الحوثيين.
♦هل من الممكن تقديم لمحة عامة عن مدى سوء الوضع الإنساني للمهاجرين، والمعاناة التي يواجهونها، وما إذا كانت هذه المعاناة تتخذ اتجاهاً تصاعدياً أم تنازلياً؟
– لقد زادت جائحة “كوفيد-19” الوضع سوءاً بالنسبة إلى المهاجرين في اليمن. فاللوم يُلقى عليهم بوصفهم حاملين للفيروس، ونتيجة لذلك؛ فهم يعانون الإقصاء والعنف. كما يعاني المهاجرون ازدياد الاعتقالات والقيود المفروضة على التنقل، بالإضافة إلى النقل القسري إلى مناطق بعيدة عن المراكز أو الخدمات الحضرية الرئيسية.
هذا بالإضافة إلى الانتهاكات التي يعانيها الكثير على أيدي المهربين والمتاجرين بالبشر؛ ومن بينها الاستغلال والتعذيب. وقد ظهرت القيود على السفر في ظل انتشار الوباء؛ مما أدى إلى وصول عدد أقل من المهاجرين إلى اليمن، ففي عام 2019، وصل أكثر من 138.000 مهاجر إلى اليمن، بينما انخفض العدد في عام 2020 إلى ما يزيد قليلاً على 37.500.
وقد تقطعت السبل بعشرات الآلاف من المهاجرين في مختلف أنحاء اليمن. وينام المهاجرون الذين تقطعت بهم السبل في العراء وفي مبانٍ مهجورة غير آمنة؛ مما يجعلهم أكثر عرضة لخطر الإصابة بـ”كوفيد-19″، ويوجد لديهم وصول محدود للخدمات الأساسية؛ مثل الطعام والمياه النظيفة أو الرعاية الصحية. وفي اليمن تعمل فقط 50% من المرافق الصحية بكامل طاقتها مع ازدياد الاحتياجات الصحية؛ نتيجة الصراع لأكثر من 6 سنوات، وتكرار تفشي وباء الكوليرا و”كوفيد-19″ حالياً، ولا يعتبر المهاجرون مجموعة مستهدفة ذات أولوية لنظام الصحة العام الذي يكافح من أجل رعاية الشعب.
ورغم تعرض المجتمعات والسلطات المحلية إلى ضغوطٍ هائلة؛ فإنهم يقدمون الدعم إلى هؤلاء المهاجرين. يجب توفير الرعاية الصحية والخدمات الحيوية الأخرى للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل، وتقدم المنظمة الدولية للهجرة هذه المساعدة حيثما أمكن ذلك.
♦هل المساعدة التي تقدمها المنظمة الدولية للهجرة تتناسب مع حجم المشكلة في اليمن ودول المصدر أم لا تزال هناك فجوات تحتاج إلى المزيد من الجهود المتضافرة والدعم؟
– هناك احتياج إلى المزيد من الدعم لمساعدة المهاجرين وحمايتهم بشكل أفضل في بلدانهم الأصلية، وأثناء هجرتهم عبر بلدان مثل اليمن، والتي تعاني أكبر أزمة إنسانية في العالم. وتعمل فرق المنظمة الدولية للهجرة والمنظمات الشريكة على تلبية الاحتياجات الأكثر إلحاحاً للمهاجرين في مجالات؛ مثل الحماية والصحة، كما نساعد المهاجرين الذين تقطعت بهم السبل على العودة إلى ديارهم.
وتعمل المنظمة حالياً مع حكومة إثيوبيا لاستئناف برنامج العودة إلى بلدهم، والذي تم تعليقه منذ بداية جائحة “كوفيد-19”. ومع ذلك، فهناك احتياج إلى المزيد من الدعم، والأمر لا يقتصر على قيام الشركاء بتوسيع نطاق الاستجابة للمساعدة في معالجة هذه القضايا؛ ولكن النقص الكبير في التمويل يعرض الاستجابة للخطر. فعلى سبيل المثال، كانت البرامج الصحية للمنظمة الدولية للهجرة في اليمن تعاني نقص التمويل بنحو 50%؛ مما أثر على عدد المهاجرين الذين يمكننا الوصول إليهم في عام 2020 بالمساعدة الصحية.
♦مَن المسؤول عن حماية المهاجرين في اليمن ودول المصدر؟
– أية دولة -كل من البلدان المضيفة ودول المصدر- مسؤولة عن سلامة أو أمن البشر داخل أراضيها، ويجب أن تعمل البلدان الواقعة على طول طرق الهجرة معاً لإدارة تدفقات الهجرة بشكل آمن وإنساني، ووضع سلامة البشر في صدارة أية سياسة.
♦حسب مصادرنا، فإن معظم المهاجرين يتجهون إلى المحافظات الشمالية من اليمن وليس السعودية، ما مدى صحة هذا؟
– عندما يصل المهاجرون إلى اليمن، يعتزم الغالبية السفر إلى المملكة العربية السعودية. وفي عام 2020، نحو 94% من أكثر من 37.500 شخص وصلوا إلى اليمن قصدوا المملكة العربية السعودية كوجهتهم النهائية. ومع ذلك، نظراً للقيود التي فرضت على التنقل بسبب جائحة “كوفيد-19″، فقد تقطعت السبل بآلاف المهاجرين في اليمن، وأصبحوا غير قادرين على السفر عبر البلاد أو عبور الحدود إلى المملكة العربية السعودية. وبسبب وقوع محافظات اليمن الشمالية على حدود السعودية، فإن مصادركم ربما لاحظت وجود أعداد كبيرة من المهاجرين هناك؛ على أمل عبور الحدود، ولكنهم غير قادرين على ذلك؛ بسبب زيادة التشديدات الأمنية. ففي السنوات السابقة، قبل الوباء، فقد بدا أن غالبية الذين يعتزمون عبور الحدود قادرون على القيام بذلك.
مهاجرون إفريقيون يقطعون الصحراء- DW ♦ما الذي يدفع المهاجرين إلى مغادرة بلدانهم بطريقة غير آمنة تعرضهم إلى هذا المستوى من المخاطر؟ لماذا لا يسافرون بالطريقة العادية لمَن يريد السفر والهجرة؟
– بالنسبة إلى العديد من الأشخاص الذين يهاجرون بشكلٍ غير نظامي، فإنهم يرون أن هذا أحد الخيارات الوحيدة المتاحة التي من شأنها أن تساعد في تحسين حياتهم وحياة أسرهم. وهذا هو الحال بالنسبة إلى المسافرين عبر اليمن إلى المملكة العربية السعودية؛ فهم يأتون عادة من المناطق الريفية في إثيوبيا، بسبب عدم وجود العديد من الفرص، ثم يبيعهم المهربون حلماً بحياة أفضل في الخليج؛ حيث يمكنهم كسب ما يكفي من المال لإعالة أسرهم، إلا أن المهربين لا يخبرونهم بمخاطر الرحلة أو أنهم سيدخلون اليمن والسعودية بشكل غير نظامي، والذي يعد مخاطرة بحد ذاته. فمعظم المهاجرين الذين يسافرون على هذا الطريق لا توجد لديهم المعلومات التي من شأنها أن تحافظ على سلامتهم أو معلومات حول حقوق العمالة قبل مغادرة بلدانهم. وبالطبع، بمجرد أن يبدؤوا الرحلة، تتضح لهم المخاطر؛ مثل السفر عبر الصحراء الحارة في القرن الإفريقي، ولكن الوعود بالازدهار لا تزال تفوق المخاطر.
♦ ما هو الوضع بالنسبة لمسألة “تجنيد المهاجرين”؟
– لا تستطيع المنظمة الدولية للهجرة التحقق أو تأكيد أن المهاجرين يشاركون في الصراع أو أنه تم تجنيدهم. ولا تزال المنظمة الدولية للهجرة قلقة بشأن الحماية الشاملة والوضع الإنساني الذي يؤثر على المهاجرين في اليمن، وهي قيد النظر في الأمر.